حضرتكم... سيادتكم... جانبكم

حضرتكم... سيادتكم... جانبكم




اخبرتني قريبتي المقيمة في لندن بانها انتبهت و بعد احدى عشرة عاماً من العمل في احدى المؤسسات بأن "السيد براون"  المشرف المسؤول على سير اعمال المؤسسة يدعى "نايجل", حدث ذلك اثناء التحضير لحفلة انتهاء خدمة السيد براون و احالته للتقاعد. فعلى مدى سنوات خِدمته الخمس و عشرون, لم يخاطبه احد الا بلقبه, سواء من من يكبره او يصغره سناً او مرتبتاً لدرجة ان احداً لم يلحظ اسمه الاول.
قد يستغرب البعض من استخدام الالقاب, معتبرين بان إسقاط الألقاب من الخطاب امراً مقرباً يساعد على خلق الود و كسر الجليد في علاقاتنا الاجتماعية, فنجد طفلا لا يتجاوز العاشرة من عمره ينادي صديقة والدته باسمها على حاله دون ان ينبه لخطئه, او موظفة تنادي الجميع دون استثناء من المنظف الى زملائها و مديرها باسمائهم  الاولى معتبرة  بان مقتضيات حياتنا العصرية السريعة  تقتضي ذلك, غير ان العكس هو الصحيح. ان مناداة الاخرين بلقب ما هو الا تعبيرا عن التقدير والاحترام, سواء كان ذلك في الجامعات والمدارس في المؤسسات والمنشأت في المصانع والمزارع في دور العبادة في الشوارع والطرقات, على الجميع ان ينادى الاخر بلقب ان كان يعلمه كأن تقول "مدام فلانة" أو "أستاذ او سيد  فلان", او عباره (حضرتك)ان كان المقابل يجهل اسم الشخص المنادى.
تسقط الالقاب بين الاصدقاء و الاقارب في المجالس الخاصة و بحسب اختيارهم (ولكنها لا تختفي خاصة عند وجود اجيال متفاوته), فمثلا" تنده الام او الزوجة الطبيب باسمه الاول في مجالسهم الخاصة, غير انه و بمجرد وجود غرباء او في الاماكن العامة يجب مناداته بلقبه.
ان الالقاب في عصرنا متنوعة و هي تقسم اما بحسب المقام الاجتماعي او العملي, فيطلق لقب استاذ على كل من حاز شهادة علمية من صحافيين و محاميين و مهندسين...الخ , اضافة للقب دكتور لكل من حصل مراتب دراسة الدكتوراه و هكذا,  اما في تقسيمات الالقاب الاجتماعية فيركن الى لقب سيد لكل من لا نعرف ماهية مهنته او تحصيله العلمي, يقاس الامر على السيدات و الانسات. هذا و يبقى لكل قطاع من القطعات الخاصة و العامة سواء كانت سياسية او دينية القاب خاصة لا مجال لذكرها هنا, وجب الاهتمام و الحرص عليها.
ان غرس احترام الاخرين يبدأ من الصغر و منها تعويد ابنائنا على مناداة من هم أكبر منهم سناً بألقاب تسبق أسمائهم.  من غير المقبول مخاطبة  شخص عالي المقام او رجل دين او علم او مسؤول حكومي باسمه الصريح. لرقي خطاباتنا وجب الاهتمام باستخدام الالقاب المبسطة المجارية للعصر,علينا جميعا العودة لاستخدام عبارات التقدير و الاحترام, كل بحسب موقعه و حاجاته الجتماعية, ان الالقاب في يومنا هذا مبسطة و بعيدة عن التفخيم و التبجيل الذي سادت اعرافنا لسنوات طويلة, ففخامتكم و سيادتكم اسقطت ليحل مكانها القاب مبسطة تحفظ مقام في كل مقال.


Comments

Popular Posts